شارل ديغول Charles de Gaulle من القادة العظماء الذين سطّروا بفكرهم القيادي المبتكر والفريد وعبقريتهم القتالية ملاحمًا وأساطيرًا. حتى أضحت إنجازاته تاريخًا خطه المفكرون والمؤرخون على أوراقهم ومخطوطاتهم بأحرف من ذهب. قائد أشهر سلاحه في وجه العدو بكل شجاعة وأبدع في خلق استراتيجيات عسكرية مميزة لفتت أنظار القادة العسكريين من حوله. إلى أن عزفت فرنسا لحن الانتصارات على إيقاع سيمفونية أبدع عازفها فأطربت بموسيقاها آذان الشعب المتعطش للسلام والمنتظر لقائد استحق ثقة شعبه. إنه الجنرال الفرنسي شارل ديغول Charles de Gaulle أشهر القادة العسكريين والسياسيين في فرنسا والتي لاتزال آثاره في الحكومة الفرنسية خالدة إلى يومنا هذا. فإذا أردت عزيزي القارئ معرفة المزيد من المعلومات عن هذا القائد المبدع إليك مقالتنا هذه على موقع كيف التي سنتعرف فيها على الجنرال شارل ديغول Charles de Gaulle وسنوضح أهم المعلومات حول سيرته الذاتية. فتابعونا.
شارل ديغول Charles de Gaulle
وُلد القائد الأسطوري شارل ديغول في 22 نوفمبر 1890 في مدينة ليل الفرنسية. ولد ليكون أحد القادة العسكريين والشخصيات السياسية الفرنسية في الفترة من 1940 حتى 1969. نظر إليه أبناؤه على أنه الأب الروحي والمؤسس الأول للجمهورية الفرنسية. تعامل مع كل الأمور العسكرية والسياسية التي واجهته بحنكة وذكاء، ورفض قبول الهدنة التي حاولت عقدها حكومته مع الألمان عام 1940. من أبرز ما عرف عنه أنه أسس قاعدة عسكرية في لندن، ثم نصّب نفسه قائدًا ممثلًا لفرنسا. لكن أثناء الحرب أثبت جدارته في القيادة العسكرية من خلال خطط المنظمة، فقد حشد القوات الفرنسية وراء البحار، ونظم مقاومة من جهة الخارج فكان قائد لعدة جبهات.
بالإضافة إلى ذلك ناضل للحصول على اعتراف من البريطانيين والأمريكيين بشكل كامل بالجمهورية الفرنسية. كما استلم زعامة الحكومة المؤقتة الفرنسية في أعقاب تحريرها عام 1944، وبعد أن دمر النظام الفيشي بالكامل. تقاعد من منصبه عام 1946، لكن عاد عام 1958 للظهور إلى ميدان القيادة عندما أوشكت الجمهورية الفرنسية على الدخول في حرب أهلية، وذلك بعد حدوث الأزمة الجزائرية. كما نقح دستور البلاد لينص على جعل الرئاسة مسيطرةً على السياسة الخارجية وكذلك السياسة العسكرية، وأوقف الدولة على قدميها حيث أعاد النمو الاقتصادي للأمة. وأنشأ رابطة وثيقة مع ألمانيا الغربية. وترك منصبه كقائد للدولة الفرنسية عام 1969. لكن كان ذلك بعد أن سطّر التاريخ بطولاته و لمع اسمه بأنّه أقوى وأعظم قائد فرنسي منذ زمن نابليون حتى القرن 21.
بدايات شارل ديغول Charles de Gaulle
ولد شارل ديغول في فرنسا، وقد كان والده هنري أستاذًا حرص على تعليمه تاريخ فرنسا الغني. كان ديغول مولعًا بالقراءة وقد أحب قراءة كتب والده وخصوصًا كتاباته عن الحروب والمعارك العسكرية، كما أحب تمثيل المعارك الفرنسية من التاريخ. عندما كان في الحادية عشرة من عمره، انتقلت عائلة ديغول إلى باريس، حيث التحق هناك بمدرسة سان سير. وعندما كبر بدأ يشعر أن لديه القدرة على خدمة فرنسا. قرر الانضمام إلى الجيش والتحق بأكاديمية سان سير العسكرية التي تعتبر من نخبة المدارس في فرنسا. حيث تخرج منها وكان ترتيبه 13 من بين 210 طلاب.
حياة شارل ديغول Charles de Gaulle المهنية
كانت حياته مليئة بالأحداث بدءًا من تخرجه سنة 1912، حيث خدم تحت قيادة العقيد فيليب بيتان. شارك في الحرب العالمية الأولى وهنا وقع في الأسر لدى الألمانيين عام 1916. وبعد انتهاء فترة الحرب عمل مدرسًا للتاريخ العسكري في أكاديمية سان سير نفسها ومرافقًا للعقيد بيتان، حتى سنة 1927. كما وصل إلى منصب مساعد رئيس الأركان العامة في كل من سوريا ولبنان ثم بلاد الراي، ثم استدعي للعمل بمنصب سكرتيرًا عامًا لهيئة الدفاع الوطني.
وكانت نقطة التحول في حياته هي بعد أن أنهى دراسته العسكرية العليا، عيّنه العقيد قائدًا لسلاح المدرعات في منطقة متز، إلى أن اندلعت الحرب العالمية الثانية واستولى الألمانيون على مناطق عدة وهددوا أكثر من 800 ألف جندي فرنسي وبريطاني. وهنا استلم ديغول 1940 قائدًا للفرقة الرابعة المدرعة وفرقة المدفعية، وبرز دوره في مهاجمة الألمان بقوة محاولًا منع زحفهم بخطط عسكرية عبقرية. لكن أخفق هجومه ضد الألمان، ومع ذلك رفض الهدنة التي حاولت حكومته عقدها مع ألمانيا وهنا سافر إلى لندن. وقد حكمت عليه فرنسا غيابيًا بعقوبة الإعدام والحرمان من الرتبة العسكرية ومصادرة جميع ممتلكاته.
لكن في هذا الوقت كان قد أسس شارل ديغول حكومة فرنسية حرة وكان قائداً معترفاً به من قبل الحلفاء. وفي عام 1944 ، أصبح رئيساً للجمهورية الفرنسية الحرة بعد أن أرغم الألمان على الاستسلام. لكن رئاسته لم تدم طويلًا حيث استقال عام ١٩٤٦ نتيجة الخلافات بين الأحزاب. وعاد للظهور بعد أزمة الحرب الجزائرية في عام 1958، ورجع ديغول إلى العالم السياسي.
وأنشأ الجمهورية الخامسة، واستلم الرئاسة بين عامي (1959 – 1969). وعمل على قمع المعارضين المحليين كما نهض بمكانة فرنسا الدولية ووقف في وجه معارضة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. ولكن، في مايو 1968 حدثت ثورة طلابية، لم ينجح بعدها في تهدئة الوضع وإعادة النظام تحت سلطته كذلك خسر في استفتاء عام 1969.
حياة شارل ديغول Charles de Gaulle الشخصية
كان لوالده هنري دورٌ كبيرٌ في حبه للحياة السياسية والعسكرية، وذلك بسبب كتاباته التاريخية التي كان شارل ديغول يقرؤها. كما أن لوالده دورٌ كبير في حبه لبلده حيث كانت عائلته مشهورة بوطنيتها. تزوج شارل ديغول من إيفون فندور عام 1921، وأنجب منها ثلاثة أطفال. وقد عانت طفلته الصغيرة آن من متلازمة داون، حيث استسلمت للمرض وتوفيت في العشرين من عمرها.
إنجازات شارل ديغول
ألّف في بدايات حياته كتابين هما «الخلافات بين الأعداء» و«شريط السيف»، وبسببهما تعرض للخطر الألماني خصوصًا بعد أن تسلم هتلر السلطة في ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك كان له مقالات عديدة في الصحف والمجلات، ثم أصدر كتابه «جيش المستقبل» الذي أظهر فيه أهمية تجهيز عتاد قوي للجيش من آليات ومدرعات. بالإضافة إلى ذلك، أوضح مفاهيم حديثة للجيوش، وقد اقتبس من كتابه هذا الجنرال هاينتس غودريان قائد المدرعات الألمانية في الحرب العالمية الثانية.
ومنذ تخرجه من الأكاديمية ظهر بعدة مواقف عسكرية أثبت فيها جدارته في القيادة. كما حصل خلال مسيرته على العديد من الجوائز من أهمها:
- عام 1915 تقلّد بصليب الحرب.
- عام 1945 تقلّد الصليب الأكبر من وسام الاستحقاق الوطني.
- وسام الوردة البيضاء من فلندا.
- النيشان الفكتوري الملكي برتبة فارس.
- وسام الصليب الأكبر لجوقة الشرف.
- وسام الشرف من الجمهورية الإيطالية 1959.
- السلسلة الفكتورية الذهبية عام 1960.
- وسام الصليب الأعظم من جمهورية ألمانيا الاتحادية.
- وسام فرسان الفيل1965.
وفاة شارل ديغول ووفاته
توفي القائد الفرنسي البارز عام ١٩٧٠ في منزله، وقد بلغ ٨٠ عامًا حيث انهار فجأة عندما كان يشاهد التلفاز. وقد تم تشخيص وفاته فيما بعد على أنه تمزق في الأوعية الدموية.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا عن القائد العظيم والأسطورة الفرنسية الذي سطّر الكثير من الانتصارات في تاريخ فرنسا، والعديد من التغيرات العسكرية والسياسية فكان جديرًا بنا دراسة من هو شارل ديغول وما هي سيرته الذاتية.