الإرادة تصنع المعجزات ولعل حياة الأديب طه حسين وسيرته الذاتية خير مثال يحتذى به لتحقيق ما يبدو مستحيلًا. فمن هو طه حسين؟
لقّب بعميد الأدب العربي وعملاق الرواية العربية، إذ أنه واحد من أعظم الشخصيات في الساحة الأدبية العربية المعاصرة. الفيسلوف الذي اعتنق أفكار التحرر الفكري وتشبّع بالروح الثورية أثار بأعماله ومعتقداته جدلًا عنيفًا وزلزل أركان المجتمع المصري. ذلك الكفيف الذي أنار عقول ملايين المبصرين. رحل وأسدل الستار على مسيرةٍ أشبه بمعجزة ستظل تروى لأجيال لاحقة. ووللتعمق أكثر في مسيرة حياة الدكتور طه حسين تابعو معنا المقال الآتي.
من هو طه حسين Taha Hussein
يعتبر طَه حسيْن من أهم الأدباء في الأدب العربي، حيث يعد علمًا من أعلام حركة التنوير. فهو كاتب وأديب مصري. عرف كمؤثر في الأدب العربي الكلاسيكي في الوطن العربي وشمال إفريقيا، كما أحدث ثورة في تاريخ نهضة الأدب في مصر. ويصنف كناقد ومبدع ومن أبرز الشخصيات التي كان ومازال لها الأثر الكبير في تقدم وتطور الأدب العربي الحديث.
بدايات طه حسين Taha Hussein
إنه عميد الأدب العربي الحديث. ولد في الرابع عشر من نوفمبر عام 1889 في محافظة المنيا المصرية. ترعرع ضمن عائلة متوسطة الثراء ومكونة من ثلاثة عشر أخ وأخت. لقد أصيب بالعمى في عمر الثلاث سنوات نتيجةً لإصابته بعدوى الرمد في العين و عدم تلقيه العلاج الطبي المناسب. مما أدى إلى تفاقم حالته وفقدان بصره.
ألحق بالكتّاب وهو بناء يشبه المدرسة يتعلم فيه الأولاد الكتابة والقراءة. ومن ثم أرسل إلى جامعة الأزهر التي تعلم فيها الأدب العربي فعلى الرغم من اكتسابه معرفة واسعة وعميقة هناك إلا أن طريقة تفكير بعض أساتذته أصابته بخيبات الأمل، نظرًا لافتقارها الشديد إلى أفكار التحرر وأساليب الإبداع.
بداية إنجازات طه حسين Taha Hussein
التحق طه حسين بجامعة علمانية جديدة تم تأسيسها في سبيل تعزيز تقدم التعليم في مصر في ظل حكم الاحتلال البريطاني. وذلك بالرغم من المصاعب والعقبات التي اجتازت طريقه كونه كان فقيرًا وكفيفًا.
وفي سنة 1914 كان أول من تخرج من هذه الجامعة، كما حصل على شهادة الدكتوراه حيث قدم أطروحته عن الفيلسوف والشاعر أبو العلاء المعري، ثم نال شهادة الدكتوراه التي تعتبر الثانية بالنسبة له في مجال الفلسفة الاجتماعية سنة 1917 من جامعة سوربون الفرنسية الواقعة في باريس. وبعدها بسنتين حصل على دبلوم في الحضارة الرومانية من الجامعة نفسها، كما عيّن أستاذًا للتاريخ في الجامعة المصرية في العام ذاته.
إنجازات طه حسين Taha Hussein
في سنة 1950 تم تنصيب طه حسين وزيرًا للتربية والتعليم، حيث نجح في جعل العلم متاحًا للجميع وخصوصًا في الابتدائية والثانوية. فساهم في محو الأمية بتثقيف وتعليم العديد من المصريين.
بعد طرد حسين من منصبه في الجامعة المصرية، حيث كان أستاذًا للأدب العربي الكلاسيكي، وذلك بسبب كتابه “في الشعر الجاهلي” الذي لاقى ردات فعل غير متوقعة من قبل الجمهور. توجه للنشر في صحيفتين كان هو رئيس تحريرهما، ثم أصدر كتاب ” الصفحات المختارة” سنة 1920، ومجلد ” النظام الأثيني” سنة 1921، وقادة الفكر سنة 1925. والتي تثبت تأثره الكبير بالثقافة اليونانية، ومما أدى إلى تحوله إلى مفكر بسبب الصلة الوثيقة بين ثقافته العربية والثقافة اليونانية، كما كان له تأثير كبير على الأدب الكلاسيكي العربي الحديث بعد عودته من باريس عن طريق أعماله وكتبه الغنية.
اتخذ العديد من المواقف السياسية والنضالية. فقد دعا إلى السلام ورفض الظلم والتحلي بالعلم والمعرفة، كما حارب في سبيل تحرير المرأة ومناصرتها. وظهر ذلك جليًا في كتابه “في الشعر الجاهلي” الذي أثار جدلًا واسعًا في الساحة الأدبية، وتنوعت الآراء ما بين مؤيدين ومعارضين.
كما كان له مكانةً رفيعةً ومحبةً واسعةً في قلوب تلاميذه وزملائه. فقد شغل مناصبًا عدة في العديد من الأكاديميات التعليمية بمختلف الدول العربية، كما أن الجامعة الامريكية في القاهرة لم تلتزم بتعليمات رئيس الوزراء المصري اسماعيل صدقي آنذاك الذي أمر بعدم توفير فرص عمل لطه حسين. وإنما خصصت الجامعة الأمريكية قاعة إيورات من أجل ممارسة الأنشطة الثقافية والمحاضرات الأدبية لحسين، والتي نالت إعجاب الكثير من الحضور ومنحوه لقب عميد الأدب العربي.
ومن أشهر أعماله الأيام، دعاء الكروان، والمعذبون في الأرض، وفي الشعر الجاهلي .
الحياة الشخصية لطه حسين Taha Hussein
ترعرع طه حسين ضمن عائلة مكونة من والده حسين علي بن سلامة ووالدته و13 عشر طفلًا كان ترتيبه السابع بينهم. وأثناء تواجده في فرنسا التقى بامرأة تدعى سوزان بريسو التي كانت تقرأ له الكتب وتساعده في خطها. لتتطور العلاقة بينهما وتتوّج بالزواج وإنجاب اثنين من الأطفال: مؤنس حسين وأمينة حسين.
جوائز طه حسين Taha Hussein
حصل طه حسين على العديد من الجوائز، التي تمثلت فيما يلي:
- حصل على جائزة قلادة النيل سنة 1965.
- استلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سنة 1973.
- نال وسام الاستحقاق السوري، كما حصل على وسام الجمهورية التونسية.
- كما قدم له الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة العليا، والتي تمنح إلى رؤساء الدول عادةً.
وفاة طه حسين Taha Hussein
توفي الأديب طه حسين في تشرين الأول عام 1973. في منزله نتيجة وعكة صحية لم ترتبط بمرض محدد، وذلك بعد مشاهدته انتصار مصر في حربها الأخيرة مع إسرائيل. إلا أنه لم يدفن بعد وفاته مباشرةً، بل تم تأخير الدفن حتى ثلاثة أيام، لانتظار وصول ابنته أمنية من الولايات المتحدة الأمريكية ليحظى بجنازةٍ كبيرةٍ تليق بقدره وتفيه حقه.
وفي ختام مقالنا الذي تطرقنا فيه حول حياة الأديب طه حسين ومسيرته الأدبية نذكر بأن كاتبنا العظيم كان له فكره الخاص وعقليته الاستثنائية، مما جعل أعماله تتصدر عناوين الصحف العربية والعالمية.